التقلبات النفطية تزيد العجز المالي
انفوبلس/..
يواجه الاقتصاد العراقي في عام 2025 تحديات مالية واقتصادية جسيمة تتطلب استجابة سريعة وفعّالة، ومن أبرز هذه التحديات تقلبات أسعار النفط التي تشكل المصدر الأساسي لإيرادات الدولة، مما يجعل العراق عرضة لتقلبات الأسواق العالمية والتوترات الجيوسياسية.
ويُتوقع أن يتسع عجز الميزانية إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، مقارنة بـ1.3% في العام السابق، مما يزيد من الضغوط المالية على الحكومة.
الاعتماد على النفط
جعل الاعتماد الكبير على النفط، العراق عرضة للتقلبات في أسعار الخام العالمية.
ويعتبر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، معتمدة بشكل كبير على إيرادات النفط. حيث يشكل قطاع الهيدروكربونات غالبية العائدات من الصادرات وحوالي 90% من إيرادات الدولة.
وقد جعل هذا الاعتماد الكبير على النفط العراق عرضة للتقلبات في أسعار الخام العالمية. ورغم ذلك، قرر العراق زيادة ميزانيتها لعام 2024 رغم الإنفاق القياسي في عام 2023، عندما تم تعيين أكثر من نصف مليون موظف إضافي في القطاع العام المثقل بالفعل، وبدأت عمليات إصلاح واسعة النطاق في البنية التحتية.
وارتفعت ميزانية 2024 إلى 211 تريليون دينار (161 مليار دولار) مقارنة بـ 199 تريليون دينار (153 مليار دولار) في 2023، مع الحفاظ على عجز مقدر قدره 64 تريليون دينار، وفقًا لما ذكره صالح.
وتفترض الميزانية سعر نفط يبلغ 70 دولارًا للبرميل في 2024، أي أقل بحوالي 6 دولارات عن السعر المتوقع في هذا العام، وقال مظهر محمد صالح، إن دفع الرواتب والمعاشات في الوقت المحدد يبقى أولوية قصوى، حيث تشكل هذه النفقات حوالي 90 تريليون دينار (69 مليار دولار) أو أكثر من 40% من الميزانية، وهي عامل رئيسي لاستقرار الوضع الاجتماعي في العراق.
وقال مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مقابلة في مقابلة صحفية: إنه “لم نتوقع حدوث مشاكل كبيرة في عام 2024، ولكننا بحاجة إلى انضباط مالي أكثر صرامة لعام 2025”.
وأضاف صالح: “الحكومة ستدفع الرواتب حتى وإن كلفها الأمر كل شيء، فإن مسألة صرف الرواتب لا يمكن تجاوزها في العراق”.
أما فيما يخص تطوير البنية التحتية، فقد أشار صالح إلى أنه يمكن إعادة تركيز الجهود على المشاريع الاستراتيجية مثل أعمال الطرق والجسور الرئيسية في العاصمة بغداد إذا وجدت الدولة نفسها في أزمة مالية.
زيادة الإيرادات غير النفطية
من جانب آخر، يركز العراق على زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال تحسين تحصيل الضرائب، لكنه لا يبحث عن فرض ضرائب جديدة، حسبما قال صالح، مشيرا إلى أن “العراق يخسر ما يصل إلى 10 مليارات دولار سنويًا بسبب التهرب الضريبي والمشاكل المتعلقة بالجمارك”.
وتعكس المخاوف بشأن ميزانية 2025 التحديات التي يواجهها سوق النفط العالمي، حيث شهدت أسعار النفط انخفاضًا ملحوظًا منذ منتصف 2022، إذ تراجعت أسعار خام برنت، وهو المعيار الدولي، من أكثر من 120 دولارًا للبرميل إلى أقل من 75 دولارًا في الأيام الأخيرة، ويرتبط هذا الانخفاض بشكل رئيسي بتراجع الطلب العالمي، لا سيما من الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، في ظل تباطؤ نموها الاقتصادي.
ويسعى القطاع المصرفي، إلى تحسين كفاءته، من خلال إصلاحات هيكلية تهدف إلى زيادة الشفافية وتعزيز الثقة في النظام المالي، وهي جزء من خطة أوسع لتنويع الاقتصاد العراقي وتقليل الاعتماد المفرط على النفط.
توقعات تتسم بالتفاؤل الحذر
وكشف المختص في الاقتصاد الدولي نوار السعدي، في وقت سابق، عن مزيج من التوقعات المالية والاقتصادية للعراق مع بداية العام 2025، التي تتسم بالتفاؤل الحذر وتستند إلى عوامل اقتصادية وسياسية تؤثر على استقرار البلاد.
وأوضح السعدي، أن “التقارير الدولية، خاصةً من صندوق النقد الدولي، تتوقع نموًا اقتصاديًا للعراق بنسبة 1.4% في العام المقبل، مع ارتفاع يصل إلى 5.3% في 2025. ويعكس هذا النمو تعافي الاقتصاد من تحديات السنوات الماضية، مدفوعًا باستقرار أسعار النفط وزيادة الاستثمارات في القطاعات غير النفطية”.
ومع ذلك، أشار السعدي إلى وجود مخاوف بشأن العجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة، والذي قد يتسع إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، مقارنةً بـ1.3% حاليًا. وتعزى هذه المخاوف إلى تقلبات أسعار النفط، التي تمثل 90% من إيرادات الحكومة، مما يجعل أي انخفاض في الأسعار العالمية تحديًا كبيرًا.
أما عن التضخم، فيُتوقع أن يرتفع إلى 3.5% في 2025، متأثرًا بزيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد. وفي قطاع النفط، من المتوقع أن يحافظ العراق على إنتاج مرتفع يصل إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول الربع الأول من العام، مع خطط لتعزيز طاقته الإنتاجية. إلا أن هذه الجهود تعتمد على الاستقرار السياسي والعلاقات مع منظمة أوبك.
العراق قد يواجه أحداثًا اقتصادية ومالية ساخنة مع مطلع 2025. وسيكون التحدي الأساسي هو قدرة الحكومة على إدارة هذه التحديات بفعالية، من خلال سياسات مالية متوازنة تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو المستدام
وأشار السعدي إلى إصلاحات هيكلية مرتقبة في القطاع المصرفي تهدف إلى تعزيز كفاءة النظام وزيادة الشفافية، كجزء من رؤية أوسع لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد المفرط على النفط.
وفي ختام حديثه، أكد السعدي أن العراق قد يواجه أحداثًا اقتصادية ومالية ساخنة في 2025. وسيكون التحدي الأساسي هو قدرة الحكومة على إدارة هذه التحديات بفعالية، من خلال سياسات مالية متوازنة تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو المستدام.
أعلنت وزارة المالية العراقية في تقريرها لشهر فبراير 2025 أن إجمالي الإيرادات في الموازنة الاتحادية لعام 2024 بلغ أكثر من 135 تريليون دينار، حيث شكلت إيرادات النفط نحو 88% من هذا المجموع. ويعكس هذا الاعتماد الكبير على النفط حقيقة أن الاقتصاد العراقي لا يزال يعتمد بشكل أساسي على القطاع النفطي، رغم الجهود المبذولة لتنويع الإيرادات.
ضرورة استثمار الموارد الطبيعية
ضرورة استثمار الموارد الطبيعية للعراق في مجالات مثل الصناعة والزراعة، لتوسيع قاعدة الإنتاج الوطن
وعلى الرغم من بعض المحاولات لزيادة الإيرادات غير النفطية، إلا أن العراق ما زال يعاني من هيمنة النفط على الموازنة العامة، ما يعزز الطابع الريعي للاقتصاد.
وحذر مراقبون محليون، من خطر الاعتماد المفرط على النفط، مشيرين إلى أن هذا يعرض الاقتصاد لتقلبات كبيرة نتيجة للتغيرات في أسواق النفط العالمية، مؤكدين أن العراق بحاجة إلى التحول نحو اقتصاد شامل يعتمد على تنويع القطاعات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، دعا المراقبون، إلى ضرورة استثمار الموارد الطبيعية للعراق في مجالات مثل الصناعة والزراعة، لتوسيع قاعدة الإنتاج الوطني.
من جهته، أشار مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، إلى أن الاعتماد على الاقتصاد الريعي هو نتيجة للحروب والصراعات الداخلية التي أدت إلى تشتت الموارد.
وأكد أنه يجب العمل على إيجاد حلول تمويلية بديلة بعيداً عن الاستدانة المحلية والدولية لضمان الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
لم يدهشن ِالجدل الدائر قيام وزير الخارجية الأميركي...
تمهيد: صفة التوازي في المالية العامة ربما هو استخدام...
أولاً: مقدمــة يقود استمرار نمط ومكونات الطاقة...
رابط المقال في موقع الحوار المتمدنتجدد السياسة...