العملة الرقمية.. ومستقبل مالي متطور

تماشياً مع إطار التطورات العالمية السريعة في الأنظمة المالية والتكنولوجية، يتجه البنك المركزي العراقي، في إطار مواكبة التطور، نحو إطلاق عملة رقمية بديلة للنقد الورقي.

وتعد هذه الخطوة، وهي ليست مجرد تحول في طريقة التعاملات المالية، بمثابة تحول جوهري في رؤية النظام المالي العراقي.

وتعد العملات الرقمية من الابتكارات حديثة العهد التي شهدها العالم، وهي تعكس التحول السريع نحو العصر الرقمي. فالعملة الرقمية تتيح إمكانية إجراء المعاملات بشكل أسرع وأمان أكبر مقارنة بالنقد الورقي، من خلال استخدام هذه العملة، إلى جانب  تقليل تكاليف المعاملات، مما يسهم في تعزيز الكفاءة الاقتصادية.

أما الفوائد المحتملة للعملة الرقمية في العراق، فتتلخص في تحسين كفاءة النظام المالي، ومن ثم ستساعد في تسريع المعاملات وتقليل الوقت اللازم لإنجازها، مما ينعكس إيجابًا على حركة التجارة الداخلية والخارجية.

وهي أيضاً وسيلة فاعلة في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وإن استخدامها وأقصد العملات الرقمية، قد يسهم في تقليل التعاملات النقدية غير الرسمية، مما يقلل من فرص الفساد المالي وكذلك التهرب الوظيفي.

ولعل أبرز مزايا هذا النوع من العملات، أنها ستسهم في زيادة رقعة الشمول المالي: وقد تفتح آفاق الوصول إلى الخدمات المالية لفئات جديدة من المجتمع، خاصةً لأولئك الذين لا يتعاملون مع البنوك بشكل مباشر .

 وفي تقديري، فإن العملة الرقمية، يمكن أن تسهم في تشجيع الابتكار في السوق المالية، مما يمنح الفرصة للعديد من الشركات الناشئة لتقديم خدمات جديدة تعتمد على التكنولوجيا المالية.

وعلى الرغم من تمتع هذا النوع من العملات بهذه المزايا ورغم الفوائد الكبيرة، إلا أنها لا تخلو من التحديات، ويجب الانتباه إليها، وفي مقدمتها المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني وحماية البيانات، ويجب توعية المواطنين بكيفية استخدام هذه العملة وذلك يتطلب وجود إطار قانوني وتنظيمي واضح يضمن حماية حقوق المستخدمين.

إن إطلاق العملة الرقمية في العراق يمثل مرحلة جديدة ومهمة في تطور النظام المالي، هذه المبادرة تعكس التزام العراق بالمضي قدمًا نحو عصر تكنولوجي متقدم، وستكون لها آثار إيجابية في الاقتصاد والمجتمع، ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطوة يعتمد على معالجة التحديات المرتبطة بها، والتي أشرنا إلى بعضها في سياق هذا المقال، وضرورة  توفير الدعم الكافي لتحقيق أهدافها.