خبير أميركي يسرد تداعيات “حمائية ترامب” مخاوف من تصاعد الأسعار وفقدان الوظائف

الأحد 9 شباط 2025 قبل شهر واحد

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد الماضي، أن الولايات المتحدة سوف ستتخذ إجراءات حمائية بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع الواردة من جاراتيها كندا و المكسيك، وبنسبة 10% على كل البضائع القادمة من الصين.

وتوقع الاقتصاديون حدوث فوضى، واستعد المستثمرون لتأثير ذلك الإعلان، وأسرع الشركا ء التجاريون للرد.

ترامب: سأعلن رسوما جمركية على دول كثيرة هذا الأسبوع

ومع حلول نهاية يوم العمل يوم الاثنين الماضي، استطاعت كندا والمكسيك تأمين تأجيل فرض هذه الرسوم لثلاثين يوما من خلال التعهد بتكثيف الجهود لمنع تدفق المهاجرين والمخدرات عبر حدودهما.
ولكن في منتصف ليلة الثلاثاء دخلت الرسوم ضد الصين حيز التنفيذ، ووصف ترامب هذه الرسوم بأنها الطلقة الأولى. وحتى الآن كان رد فعل السوق صامتا نسبيا.

وقال مايكل فرومان، رئيس مجلس العلاقات الخارجية والممثل التجاري الأميركي السابق ، في تقرير نشره المجلس إن الرسوم لا يمكن اعتبارها امرا مفاجئا، حيث إن ترامب كان يتصرف بناء على اعتقاد راسخ ويفي بوعد رئيسي خلال حملة الانتخابات الرئاسية.

ولكن ما هو أقل وضوحا هو أن ما كان ترامب يأمل فيه هو الخروج من مناورة الرسوم هذه.

وأضاف فرومان أنه يبدو أن الرئيس ترامب لديه أهدافا متعددة في ذهنه. وسوف يتوقف نجاحه على الأشياء التي يعطيها الأولوية.

و يبدو أن أحد الأهداف هو انتزاع تنازلات في مفاوضات بشأن عدد من القضايا غير التجارية تتراوح ما بين الهجرة و المخدرات. ودفع الإعلان عن الرسوم على الفور الحكومتين الكندية والمكسيكية إلى طاولة المفاوضات.

وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن تعيين مسؤول لوقف تدفق الفينتانيل وجدد التزامه بانفاق إضافي بمئات الملايين من الدولارات على أمن الحدود.
وتعهدت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم بارسال عشرات المئات من جنود الحرس الوطني إلى الحدود الأميركية للانضمام إلى قوات يبلغ قوامها أكثر من عشرة آلاف منتشرين هناك بالفعل.

دعوة للتصنيع في أميركا
وفي تصريحات عبر الفيديو للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا ، حث ترامب الشركات الأجنبية على تحويل انتاجها إلى الولايات المتحدة، مضيفا ” ولكن إذا لم تصنعوا منتجاتكم في أميركا وهذا حقكم ، عندئذ وببساطة سوف يتعين عليكم دفع رسوم”.

ويعد توطين الانتاج مشروعا طويل الأجل، حيث أن أعادة تنظيم سلاسل الإمداد والاستثمار في مصانع جديدة يستغرق وقتا.

ومن المؤكد تقريبا أن القيام بذلك سوف يرفع تكاليف الانتاج ويجعل البضائع أقل تنافسية وأكثر تكلفة بالنسبة للمستهلكين والمستخدمين النهائيين.

ويبدو أن العائدات هدف آخر ، حيث يشير الرئيس إلى أن الرسوم قد تحل محل الضرائب الفيدرالية على الدخل. وفي خطابه للحاضرين في منتدى دافوس، زعم ترامب أن الرسوم سوف” توجه مئات المليارات من الدولارات أو حتى تريليونات من الدولارات إلى خزانتنا”.

وتابع فرومان أنه من المؤكد تقريبا أن ترامب سوف يصاب بخيبة أمل على هذه الجبهة، حيث إن 92% من الرسوم التي تم تحصيلها خلال ولايته الأولى ذهبت لتعويض المزارعين الأميركيين عن تكاليف الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها دول آخرى ، حيث كان صافي الدخل إلى الخزانة الأميركية ضئيلا للغاية.
وكان الشئ الجدير بالملاحظة بشأن رسالته التي نشرها على منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشيال يوم الأحد الماضي هى أنه أعترف بأن الرسوم قد تفرض تكاليف على الأميركيين ، حيث ” تساءل “هل سوف يكون هناك بعض الألم ” نعم ،ربما (وربما لا)”.

وبالفعل، هناك ثلاث فئات من التكاليف التي تتسبب فيها الإجراءات الحمائية، والأولى هى تكلفة التطبيق. وإذا تم فرض الرسوم على المنتجات الزراعية التي تبلغ قيمتها أكثر من 75مليار دولار و التي تستوردها الولايات المتحدة من كندا والمكسيك سنويا، فإن محال البقالة التي تعمل على أساس هوامش ربح ضئيلة، سوف تحمل المستهلكين هذه التكاليف.

وتتمثل الفئة الثانية في الإجراءات الانتقامية. وحتى في الوقت الذي كانت تحاول فيه كندا والمكسيك التفاوض على اتفاق اللحظة الأخيرة مع ترامب، فإنهما أعدتا بالفعل اجراءات انتقامية . وأعدت كندا قائمتها التي تضمنت بضائع من الولايات التي تميل ناحية الجمهوريين مثل البرتقال الذي يتم زراعته في فلوريدا والأجهزة التي يتم تصنيعها في أوهايو.

ويوم الثلاثاء الماضي، ردت الصين بوابل من الإجراءات من جانبها حيث أعلنت عن رسوم بنسية 15%و10 % على مجموعة من البضائع وفرض قيود أشد صرامة على الصادرات الخاصة بالمعادن الرئيسية وإجراء تحقيق مع غوغل بشأن مكافحة الاحتكار.
وإذا أصبحت الرسوم التي تفرضها بكين سارية المفعول، كما هو مقرر في العاشر من الشهر الجاري، عندئذ سوف تواجه الشركات الأميركية مزيدا من الصعوبة في تصدير الفحم والنفط والغاز الطبيعي المسال والآلات الزراعية وشاحنات البيك اب إلى الصين. وربما تكون الفئة الأخيرة من التكاليف هى الأشد، وتتمثل في تكلفة التقليد، التي تحدث عندما تحذو دول أخرى حذو الولايات المتحدة في فرض رسوم من جانبها وتتمسك بشكل انتقائي بالقواعد.

ويعد اعتراف ترامب الأخير بأن الرسوم يمكن أن تسبب ألما خطوة مهمة في علاج مسألة مدى استعداد المستهلكين والعمال والمزارعين ومربي الماشية الأميركيين لدفع ثمن فرصة لتحقيق أهداف الرسوم.

وسوف ترتفع الأسعار وسوف يتباطأ النمو وقد يتم فقد وظائف. وبالطبع، فإنه من المحتمل أن يتم فرض قليل من الرسوم، إن تم فرض أي منها أساسا، في نهاية المطاف.

ويبدو ترامب مرتاحا تماما في اتباع نهج متقطع بشأن الرسوم للحصول على اهتمام القادة الأجانب وزرع الخوف في بقية دول العالم، وربما يحقق هذا النهج نتائج جيدة على المدى القصير.

ولكن إذا واصل ترامب توجيه التهديدات وسرعان ما يتراجع، فإن الرئيس قد يجد أن دولا آخرى تبدأ في النظر إليه على نحو أقل جدية كزعيم ، وإلى الولايات المتحدة على أنها حليف أقل موثوقية.

واختتم فرومان تقريره بالقول أنه في وقت تسعى فيه الصين لكسب ود دول آخرى من خلال تصوير نفسها على أنها المدافعة عن العولمة والتعددية والنظام القائم على قواعد، قد تتراجع مكانة أميركا النسبية كزعيمة عالمية.

جميع الحقوق محفوظة - مؤسسة قيراط للتطوير الاقتصادي 2025