يشهد الاقتصاد العراقي في الفترة الحالية تركيزاً لافتاً على الاستثمار كأداة فاعلة لتحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار المالي، وتنويع مصادر الدخل. ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية ستراتيجية تهدف إلى تعزيز دور القطاع المصرفي كشريك أساسي في دعم المشاريع الاستثمارية، سواء من خلال التمويل أو الخدمات المصرفية المتخصصة.
في إطار تعزيز المناخ الاستثماري، يتضح دور المصارف الخاصة والعامة في توفير السيولة اللازمة للمشاريع، وفق ضوابط البنك المركزي العراقي والمتطلبات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT). وقد أكدت لقاءات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مع رؤساء المصارف الخاصة، على ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص عبر دعم المصارف للمشاريع الاستثمارية، وتذليل العقبات القانونية والإجرائية التي تواجه المصارف المستثمرة، بما في ذلك القيود المفروضة على بعض المصارف بسبب العقوبات الدولية، وضرورة الالتزام بالمعايير المصرفية الدولية لضمان شمولية النظام المالي العراقي وعدم تعرضه لعقوبات دولية.
نموذج: تجربة رائدة وقف عندها السوداني أثناء زيارته لإحدى المحافظات، حيث اطلع على تجربة مصرف إسلامي واصل نشاطه الاستثماري في إحدى المحافظات رغم تعرضه لعقوبات الخزانة الأمريكية بمنع التعامل بالدولار. وهذا يبرز إصرار المصارف المحلية على دعم الاستثمار حتى في ظل الظروف الصعبة، وأهمية الاعتماد على البدائل التمويلية مثل التمويل الإسلامي والتعامل بالعملة المحلية وتطوير آليات مرنة لدعم المصارف المعاقبة من دون مخالفة التشريعات.
ولكن هذا المصرف، والمصارف الإسلامية، نمط من أنماط مصارف الاستثمار بموجب القانون، وذلك بعيدا عن فكرة المصارف التجارية التقليدية التي تخضع للقانون رقم 94 لسنة 2004 بشأن الأنشطة المحظورة، والمقصود بها النشاطات الاستثمارية الحقيقية العقارية والزراعية والصناعية وغيرها… إذ لابد لعملية الإصلاح المصرفي من أن يتزامن معها إصلاح قانوني يعيد تقييم المادة القانونية المتعلقة بالأنشطة المحظورة في ما يخص المصارف التقليدية غير الإسلامية، ففي بلاد مثل العراق بحاجة إلى التنمية المستدامة، لابد من إعادة النظر بالمادة القانونية المتعلقة بالأنشطة المحظورة وعد ذلك جزءا لا يتجزأ من سياسة الإصلاح، فالمصارف التقليدية المعاقبة والمحرومة باتت ضرباتها أكثر إيلاماً وتقييدا بسبب العقوبات الخارجية من جهة وعدم السماح لها بالاستثمار من جهة أخرى .
ضمن توجيهات البنك المركزي، ولضمان الاستقرار المالي في سياق متصل، تم التأكيد على التزام المصارف بزيادة رؤوس الأموال وفق تعليمات البنك المركزي لتعزيز ملاءتها المالية، إلى جانب تفعيل الرقابة المالية لضمان التزام المصارف بقوانين مكافحة الفساد، والشفافية المالية، مع تشجيع المصارف على تبني سياسات ائتمانية جريئة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كونها محركاً رئيسياً للتنمية.
إن تعزيز الاستثمار يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمصارف والمستثمرين، مع ضمان بيئة قانونية ومصرفية داعمة. كما أن الالتزام بالمواصفات الدولية ليس خياراً، بل ضرورة لتفادي العزلة المالية. وقد أثبت القطاع المصرفي الخاص قدرته على لعب دور تنموي، لكن النجاح الكامل مرهون باستكمال الإصلاحات الهيكلية وتوفير الحماية القانونية للمستثمرين.
بهذه الرؤية، يمكن تحويل التحديات إلى فرص، والارتقاء بالاقتصاد العراقي إلى مصاف الدول الجاذبة للاستثمار.
ياسر المتولي ملتقى العراق للاستثمار حدث كبير تحتضنه...
د. مظهر محمدصالح وفقا للقراءات الاكاديمية ان الفرق بين...
د. مظهر محمد صالح عقد في بروكسيل عاصمة الاتحاد...
نائل دهمان عندما تسمع عبارة “صنع في الصين”، ما هي...
يحتضنُ العراق مؤتمر القمة العربية بنسخته الجديدة،...
منير شفيق شهد العالم في الفترة الممتدة...