المنظمات والتنمية المستدامة

ياسر المتولي

مقالات اخرى للكاتب

الأحد 9 اذار 2025 قبل 5 أيام


نتناول اليوم دوراً مهماً لمنظمات المجتمع المدني في دعم متطلبات ديمومة التواصل بين الدولة والمنظمات لتمثيلها شرائح مهمة في المجتمع وتسهم في البناء والتنمية وتخفيف الضغط عن كاهل الدولة في تبني مبادرات تسهم في التكافل الاجتماعي وغيرها.

يأتي الاهتمام بهذا المفصل المهم إثر غياب وتواري هذا الدور المهم عن الأنظار خلال هذه المرحلة.

وسأركز هنا على دور المنظمات ذات الطابع الاقتصادي لصلتها بتخصص هذه الصفحة من جهة ولكونها ضمن اهتماماتي كباحث في الشأن الاقتصادي.

وابتداءً لابد من تقديم لمحة تاريخية عن هذه المنظمات لغرض استخلاص الهدف الأساسي من فتح هذا الملف المهم.

فمنذ مرحلة التغيير بعد العام 2003 حدثت هبة لتأسيس منظمات مجتمعية لتغطي جميع الأنشطة اقتصادية كانت أم اجتماعية بحتة أم فنية أم إعلامية وغيرها الكثير.

وقد بلغت أعداد تلك المنظمات أرقاماً هائلة فاقت حد التصور وعند البحث عن أسباب هذه الظاهرة وجدنا أنَّ أول الأسباب هو التكييف مع مرحلة التغيير في أعقاب انهيار النظام القديم ومحاولة مجاراة القيم والشعارات التي جاء بها التغيير والمتعلقة بشعارات الديمقراطية وحرية ممارسة النشاطات المختلفة.

وقد شكلت هذه الظاهرة بيئة حاضنة لتحفيز المنظمات العالمية بمختلف مسمياتها وأهدافها لاستثمارها في تنفيذ أجندتها المتعددة والمختلفة ولكنها موحدة الأهداف في طبيعتها. وقد بادرت تلك المنظمات لاستقطاب هذه الظاهرة وتوظيفها لتسويق أهدافها المعلنة والخفية وذلك عبر التمويل للمنظمات المحلية مما دفع الكثير للإسراع إلى تشكيل منظمات تساعد في تقديم خدمات إعانة إلى الطبقات الهشة. 

ولكن سرعان ما انحرف الهدف الأساسي من إنشائها وتحول هذا النشاط من عمل تطوعي لخدمة النشاطات بمختلف وسائلها إلى هدف نفعي شخصي وتجاري مربح مما سهل رفع منسوب أعداد هذه المنظمات، بحيث يستطيع كل ثلاثة أشخاص تأسيس منظمة أو جمعية وإضافة أعداد وهمية إليها بقصد التربح.

ولكن بمرور الزمن سرعان ما رفعت المنظمات الداعمة يدها عن تمويل هذه الجهات، واضمحلت وتوارت عن الأنظار. 

وعند تحويل السيادة جرت محاولات لتنظيم أوضاع هذه المنظمات بوصفها إنسانية ومجتمعية واقتصادية لتكون بديلة عن المنظمات التي سبقت مرحلة التغيير والتي كانت نقابية صرفة.

فقد أنشئت دائرة معنية بإجازة هذه المنظمات مرتبطة بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتم تنظيم عمل هذه المنظمات وفق شروط وضوابط يتعين توفرها عند طلب التأسيس.

وبالرغم من أهمية هذه المنظمات التي تمثل شرائح مهمة في المجتمع ولدورها في تعزيز ودعم مهام الدولة المختلفة لكن نلاحظ هنا غياب هذا الدور وقد أفل نجم أغلبها في وقت نكون أحوج فيه إلى دورها الفاعل وخصوصاً المنظمات الخيرية في الجانب المجتمعي لدعم برامج الرعاية الاجتماعية والتكافل.

ما يعنينا هنا والحديث عن الشأن الاقتصادي فإنَّ منظمات المجتمع المدني ذات الطابع الاقتصادي هي الأخرى غائبة عن الساحة باستثناء عدد من المنظمات الفاعلة تقوم بنشاطات واضحة من خلال تركيز الأضواء على أنشطتها. 

نتمنى أن يكون المانع خيراً في هذا الغياب، ودعوتنا إلى إعادة تنشيط دور هذه المنظمات في رحاب انطلاق مرحلة البناء والتنمية التي يضطلع بهما العراق والمعطيات والشواخص والمؤشرات ظاهرة للعيان ومتمثلة بثورة خدمية والاستعدادات لانطلاق تنفيذ مشاريع استراتيجية عديدة.

جميع الحقوق محفوظة - مؤسسة قيراط للتطوير الاقتصادي 2025